الجمعة، 29 مارس 2024 09:27 صـ
صوت العالم

    رئيس التحرير عصام الدين راضى

    عرب وعالم

    الطالب الفلسطيني مؤمن أبو سلطان.. موهبة محاصرة بغزة تخترق موسوعة جنيس للأرقام القياسية

    صورة أرشيفية
    صورة أرشيفية

    قصة تحدي جديدة، تبث الأمل وتبعث التفاءول، لم يمنعها صعوبة الوصول للعالم الخارجي، والانحصار داخل قطاع غزة، وعوائق الظروف المعيشية والاقتصادية، من الخروج للنور والسطوع في عالم الفن بل واختراق موسوعة جينس للأرقام القياسية.

    كل تلك المصاعب لم تمنع مؤمن أبو سلطان، الفلسطيني صاحب الـ 19 عامًا، أن يسطع اسمه كأول فنان ثلاثي في العالم العربي، يجمع بين الشعر والرسم والإلقاء في مشهد واحد، بل وأن يكسر الرقم القياسي لموسوعة جينس للأرقام القياسية، بعد رسمه لوحة لشاعر فلسطيني في 45 ثانية.

    يحكي مؤمن المولود في مخيم الشاطئ للاجئين بقطاع غزة، والطالب بكلية الهندسة قسم التصميم الداخلي بجامعة الأقصى، عن بداياته مع عالم الفن، التي كانت في إلقاء الشعر، من خلال مشاركته بعمر الـ 6 سنوات في مهرجان للاحتفال بيوم اليتيم العالمي، كونه يتيم الأب، قبل أن يشارك بأولى مسابقاته في فن الإلقاء، التي أقيمت على مستوى قطاع غزة، ويحصل على المرتبة الأولى.

    بعد ذلك، انتقل الطفل الصغير للتمثيل والإخراج، فأخرج أول سيناريو لمسرحية بمسرح مدرسته نالت إعجاب الطلاب والمدرسين، في عمر الـ9 سنوات، قبل أن يعود لممارسة الرسم والفن التشكيلي، في عمر الـ 12 عامًا، ليبدأ في تطوير نفسه خطوة بخطوةـ حتى انتقل لرسم "البوب أرت".

    يروي مؤمن أنه بالبداية كان يرسم مجرد خربشات عن المخيم الذي يقطن به، فرسم بمواد مختلفة مثل مثبت الشعر وملون الطعام ومعجون الأسنان، إلى أن اتجه للرسم بالنار، الذي استوحاه بعد حريق هب في منزل جيرانه من شمعة أوقدوها لعدم توفر الكهرباء: «استيقظنا من النوم في الظلام، وذهبنا فزعين لنرى ما حلَّ بمنزلهم، كان عبارة عن كتلة نارية متفحمة، و3 أطفال لم يتجاوزوا الـ 10 أعوام، عبارة عن رماد».

    وتابع: «من هذه اللحظة والمنظر المؤلم الذي رأيته، قررت أن أصنع من النار لوحات، لنثبت للعالم أجمع أنه كشعب فلسطين في غزة يخلق الحياة من اللا حياة، انطلقت أرسم بالنار والشمع والبنزين وكل المواد الحارقة رسالة من داخلي إلى العالم، نحن شعب يحب الحياة ما استطاعنا إليها سبيلا»، هكذا روى مؤمن عن سبب انطلاقه في ذلك النوع من الفن، للـ «الشروق».

    سرعان ما جاءت اللحظة التي كان ينتظرها مؤمن، وهي مشاركته في أول معرض بوب أرت في فلسطين، في العام 2014، فراح يجهز لوحاته ويعدل القديم تارة ويرسم أخرى جديدة تارة، «لكن قدر الله كان مختلف».

    فقبل انعقاد المعرض بفترة قصيرة، شن الاحتلال الصهيوني قصفًا على قطاع غزة، في ليلة ممطرة من ليالي الشتاء، تسبب في بعض التشققات بسقف منزل الطالب الفلسطيني، الذي لا تتجاوز مساحته 60 مترًا، والمكون من غرفة واحدة، يسكن فيه ووالدته وإخوته الخمسة، فتسربت مياه الأمطار للمنزل، ليخسر الشاب الفلسطيني جميع لوحاته.

    «صحيت من النوم، وجدت جميع لوحاتي مبللة، كانت صدمة وخسارة كبيرة بالنسبالي، لكن ما كانت سببًا كافيًا لأوقف مسيرتي، بالعكس كانت قوة كبيرة ودافع لأكمل وأستمر، وبحمد الله قدرت أعيد بعض اللوحات، وشاركت في زاوية كاملة من معرض آخر أقيم في أرض غزة، ومن ثم شاركت في الجهة الأخرى من وطني فلسطين، لكن اللوحات وحدها من خرجت وشاركت، لأن الاحتلال يفصل غزة عن الضفة الغربية».

    بعد ذلك جاء العام 2017، الذي وصفه الشاب الفلسطيني بأنه عام فاصل في حياته، إذا انتقل للرسم المسرحي، وبعد فترة قصيرة استطاع تحطيم الرقم القياسي للرسم بالمقلوب بموسوعة جينس للأرقام القياسية، بعدما رسم الشاعر محمود درويش على المسرح، خلال 45 ثانية، «لكن ما قدرت أطلع برا فلسطين، وأشارك بسب الحصار المفروض على غزة».

    استطاع الشاب الفلسطيني الجمع بين الرسم والشعر والتمثيل في مشهد واحد على المسرح، ليكون الفنان الأول في الوطن العربي الذي يمتلك الفن الثلاثي، الأمر الذي أتاح له الفرصة ليمثل دولة فلسطين، في مهرجان القلم الحر للإبداع العربي، الذي أقيم تحت شعار "بالثقافة والصحة نبني الأمم" في مصر، ويحصل على المركز الخامس محلي والمركز السابع عالمي.

    يوضح مؤمن الشاب الطموح، أنه شارك في العديد من المعارض المحلية والدولية، لكن كانت اللوحات وحدها من تسافر وتشارك بسبب الحصار، إذ يقول في نبرة من الحزن «حرمت من 40 فرصة مشاركة وتمثيل لفلسطين في الوطن العربي وأوروبا».

    الحصار على غزة وعدم السماح له بالخروج منها لم يمنع الشاب الفلسطيني المجتهد من المشاركة في العديد من المهرجانات الدولية عن طريق الفيديو كونفرانس، وهي عملية لنقل الصوت والصورة عبر الحواسيب المتواصلة، ليتواصل مع إدارة المهرجانات والحضور وكأنه متواجد داخل الحدث.

    موهبة مؤمن واجهاتها العديد من الصعوبات إذ يقول الطالب الفلسطيني: «مريت بعدد من الصعوبات وما زلت أمر بها، أولها عدم وجود الأب والسند من بداية عمري، بالإضافة للحصار وعيشة المخيمات الصعبة، بجانب قلة الإمكانيات المعيشية والاقتصادية».

    اجتهاد الطالب الفلسطيني تكلل في النهاية بتحقيقه طموحه في كسر الحصار المفروض عليه والسفر خارج غزة، إذ يقول مؤمن: «حاليًا، أتجهز لاستكمال الدراسة الجامعية في تونس، بعدما تم ترشيحي لمنحة دراسية، سأدرس الفنون وأكمل حياتي الفنية».

    تونس فلسطين موهبة الحياة الفنية الصعوبات

    عرب وعالم